الاثنين، 17 يونيو 2013

التأمُّل يرفع مستوى الوعي.. ويقوّي الذاكرة


445542

التأمّل والتركيز الذهني ممارسة قديمة متجددة ومزدهرة، فهي ترفع مستوى الوعي، وتعيد توجيه الانتباه إلى الوقت الراهن، بدلاً من تشتيته في أمور ليست ذي شأن، وقد استخدمت ولا تزال للسيطرة على الإجهاد والاكتئاب، بل وحتى الآلام المزمنة.. لكن السؤال: هل يمكن استخدامها لتحسين درجات أو علامات الطلاب في الامتحانات؟

البحث عن جواب لهذا السؤال كان موضع دراسة، قام بها فريق من الباحثين في قسم العلوم النفسية والدماغ في جامعة كاليفورنيا بمدينة سانتا باربرا، الذين درسوا العلاقة بين التأمل وما يسمى العقل المتجول، أي العقل الذي «يسرح» أو يميل للانجراف بعيداً عن الأفكار التي لا علاقة لها بالعمل الراهن، وهي التسمية التي ترد في الكتابات الأكاديمية.

البروفيسور جوناثان شولر، أستاذ علم النفس في الجامعة، أجرى العديد من الدراسات والاختبارات حول تأثيرات وتداعيات جولات العقل والذهن، وقد ساعده في ذلك طالب تخرج من الجامعة يدعى مايكل مرازيك.

يقول هذا الطالب: لقد وجدنا بالفعل أن جولات العقل تلعب دوراً في الكثير من الاختبارات المختلفة، بما فيها قدرة الذاكرة وسعتها ومستوى الذكاء أيضاً.

يضيف: كلما زادت سعة الذاكرة العاملة، أي قدرة المرء على الحفاظ على المعلومات في دماغه، ومن ثم القدرة على استخدام هذه المعلومات، كان ذلك أفضل للطلاب الذين يميلون إلى أداء اختبارات القراءة والفهم.

 

تعزيز الذاكرة

وقد اختلف الباحثون حول المدى، الذي يمكن فيه تعزيز قدرة الذاكرة العاملة، لكن دراسة نشرت نتائجها الشهر الماضي في مجلة العلوم النفسية، تتحدث عن قيام باحثين من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا بتجارب على مجموعة من طلاب الجامعة حول «العقل المتجول».

وجد الباحثون أن مجموعة من هؤلاء الطلاب، الذين خضعوا طوال أسبوعين لتدريبات مكثفة من التأمل والتركيز الذهني، تناقص لديهم «سرحان العقل»، وتزايدت وتحسنت سعة وقدرة الذاكرة العاملة لديهم.

ليس هذا فقط، بل أن أداء هؤلاء الطلاب قد تحسّن في القراءة والفهم في امتحانات الدراسات العليا وغيرها من الامتحانات الجامعية.

 

بين التغذية والتأمل

وأوضح الباحثون أن ثمانية وأربعين من طلبة جامعة كاليفورنيا شاركوا في التجارب، التي قيل لهم إنها تستهدف تحسين أدائهم المعرفي، وقد تم تقييم قدرة وسعة الذاكرة العاملة لدى كل منهم، ومدى «سرحان» عقله أثناء امتحانات القراءة والفهم.

تم تقسيم الطلاب عشوائياً إلى مجموعتين، تلقى أفراد إحدى المجموعتين دراسات في التغذية الصحية، وطلب منهم الاحتفاظ بمذكرات يومية عما يأكلونه، فيما خضع أفراد المجموعة الثانية لتدريب في التأمل والتركيز الذهني، من أجل خفض درجة التوتر.

كان التدريب لأفراد المجموعة الثانية يتم مرة في الأسبوع ولمدة ثماني جلسات كل مرة وذلك لمدة أسبوعين، أما أفراد المجموعة الأولى فكانوا يجتمعون لتلقي دراسات التغذية بمعدل أربع مرات في الأسبوع، وذلك لمدة أسبوعين أيضاً، ولم يكن مطلوباً منهم القيام بأي شيء خاص خارج الفصول الدراسية.

وقد أثارت هذه الممارسة احتجاجات البعض بسبب الوضع غير المريح للجلوس (التربع بحيث يمتد الساقان المنثنيان في اتجاهين متعاكسين وكذلك الركبتان مع تقابل باطني القدمين)، وشد الظهر إلى الخلف، مع تركيز النظر على مستوى منخفض، بالإضافة لتمرينات التنفس، ومحاولة التقليل من التركيز على مخاوف الماضي والمستقبل، من خلال إعادة صياغة هذه المخاوف كما لو كانت تحدث في الحاضر.

 

سيطرة على {السرحان}

بعد مرور الأسبوعين أجريت عملية إعادة تقييم لقدرة وسعة ذاكرة كل طالب مشارك ومستوى سرحان دماغه، ومن ثم خضعوا لامتحان القراءة والفهم، فكانت النتيجة أن درجات طلبة البرنامج الغذائي بقيت على حالها، أما طلبة تدريبات التأمل والتركيز الذهني فكانت النتائج مختلفة تماماً.

بالنسبة لسرحان العقل فقد تناقص بصورة واضحة، في حين كانت درجاتهم في امتحانات القراءة وقدرة الذاكرة أفضل من السابق. فقبل التدريب كان معدل العلامات 460، أما بعد التدريب فارتفع وأصبح 520.

وعلى الرغم من أن هذه الدراسة اعتمدت على نماذج قليلة وفي حاجة للمزيد، فقد أشاد بنتائجها أساتذة متخصصون في علم النفس المعرفي.

 

سعة الذاكرة

البروفيسور نيلسون كو وان، الأستاذ في جامعة ميسوري، وهو متخصص في دراسة سعة الذاكرة العاملة والانتباه، يقول، إن نوعاً من التدريب الذي يساعد في تجنب التعرض للقلق أو أي نوع من سرحان العقل، يمكن أن يحسن بصورة ملحوظة مستوى الأداء.

البروفيسور دانيال ويلينغام، أستاذ علم النفس في جامعة فيرجينيا، وهو مؤلف العديد من الكتب المتخصصة، ومنها: «متى تستطيع أن تثق بالخبراء؟»، و«كيف تميز بين العلم الجيد والعلم السيئ في التعليم؟»، يقول تعليقاً على هذه الدراسة: عندما ترى هذه التأثيرات الكبيرة، ربما لا تكون قد غيرت الكيفية التي يعمل بها الدماغ بصورة جذرية، بل أزالت من طريقه العقبات التي كانت تمتص طاقاته.

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More