قيل في الحلبة .. ” لو علم الناس بما فيها من فوائد لاشتروها بوزنها ذهباً”، وقوة الحلبة من الحرارة في الدرجة الثانية، ومن اليبوسة في الأولى،
وإذا طبخت بالماء لينت الحلق والصدر والبطن، وتسكن السعال والخشونة والربو، وعسر النفس، وتزيد في الباه، وهي جيدة للريح والبلغم والبواسير، محدرة الكيموسات المرتبكة في الأمعاء، وتحلل البلغم اللزج من الصدر، وتنفع من الدبيلات وأمراض الرئة، وتستعمل لهذه الأدواء في الأحشاء مع السمن والفانيذ.
وإذا شربت مع وزن خمسة دراهم فوة، أدرت الحيض، وإذا طبخت وغسل بها الشعر جعدته وأذهبت الحزاز .
ودقيقها إذا خلط بالنطرون والخل، وضمد به، حلل ورم الطحال، وقد تجلس المرأة في الماء الذي طبخت فيه الحلبة، فتنتفع به من وجع الرحم العارض من ورم فيه، وإذا ضمد به الأورام الصلبة القليلة الحرارة، نفعتها وحللتها، وإذا شرب ماؤها، نفع من المغص العارض من الرياح، وأزلق الأمعاء .
وإذا أكلت مطبوخة بالتمر، أو العسل، أو التين على الريق، حللت البلغم اللزج العارض في الصدر والمعدة، ونفعت من السعال المتطاول منه.
وهي نافعة من الحصر، مطلقة للبطن، وإذا وضعت على الظفر المتشنج أصلحته، ودهنها ينفع إذا خلط بالشمع من الشقاق العارض من البرد، ومنافعها أضعاف ما ذكرنا.
عرف العرب الحلبة منذ القدم، وقد جاء في ( قاموس الغذاء والتداوي بالنبات ) أن الأطباء العرب كانوا ينصحون بطبخ الحلبة بالماء لتليين الحلق والصدر والبطن، ولتسكين السعال وعسر النفس والربو، كما تفيد للأمعاء والبواسير، وكذلك إذا طبخت وغسل بها الشعر جعلته مجعدا وجميلا، ونظرا لفوائدها العديدة فقد قال فيها الأطباء: ( لو علم الناس منافعها لاشتروها بوزنها ذهبا ) !!
وفي الطب الحديث تبين من تحليل الحلبة أنها غنية بالمواد البروتينية والفسفور والمواد النشوية، وهي تماثل في ذلك زيت كبد الحوت، كما تحوي أيضا مادتي الكولين والتريكو نيلين، وهما يقاربان في تركيبهما حمض النيكوتينيك، وهو أحد فيتامينات (ب)، كما تحتوي بذورها على مادة صمغية وزيوت ثابتة وزيت طيار يشبه زيت اليانسون .
الحلبة عشب حولي يتراوح ارتفاعها ما بين 20 – 60 سم، لها ساق أجوف ويتفرع منه سيقان صغيرة يحمل كل منها في نهايتها ثلاث أوراق مسننة طويلة، ومن قاعدة ساق الأوراق تظهر الأزهار الصفراء الصغيرة التي تتحول إلى ثمار على شكل قرون معكوفة طول كل قرن حوالي 10سم، وتحتوي على بذور تشبه إلى حد ما في شكلها الكلية، وهي ذات لون أصفر تميل إلى الخضار.
ونبات الحبة عبارة عن نبات عشبي حولي صغير يحمل ثماراً على هيئة قرون تحمل كل ثمرة عدداً من البذور، ويوجد نوعان من الحلبة: وهي الحلبة البلدي العادية ذات اللون المصفر، والحلبة الحمراء والمعروفة بحلبة الخيل، وهما يختلفان اختلافاً كثيراً، والحلبة المعنية هنا هي الحلبة العادية الصفراء.
واسم الحلبة جاء من اسم “حلبا”، وهو من أصل هيروغليفي، ولها اسماء أخرى، مثل: “أعنون غاريفا”، و”فريقة” وفريكة، وحليب، ودرجراج، وقزيفة، وحمايت، وتعرف الحلبة علميا باسم Trigonella foenum – graecum من الفصيلة البقولية.
الجزء المستعمل من نبات الحلبة: البذور والبذور المنبتة.
المحتويات الكيميائية للحلبة:
حتوي الحلبة على زيت طيار يتكون من سيسكوتربينات هيدروكربونية ولاكتونات والكانات، كما ان الحلبة تحتوي على كمية كبيرة من البروتين بنسبة 28.91% ومواد دهنية ونشا، كما تحتوي أهم المعادن وهو الفوسفور، وهو يماثل زيت كبد الحوت وقلويدات، مثل الكولين، والترايجونيلين، ومواد صمغية، وزيوت ثابتة، ومواد صابونية، وستيرولات ومواد سكرية ذائبة مثل الجلاكتوز والمانوز. كما تعتبر الحلبة مصدرا اساسيا للسبوجنين، والتي تعتبر اساسية في تشييد الـ ستيرويدز، كما ان الحلبة تحتوي على مركب الدايزوجنين والياموجنين.
الموطن الأصلي للحلبة:
الموطن الأصلي للحلبة شمال افريقيا والبلدان التي تحد شرقي البحر الأبيض المتوسط، وهي تزرع حاليا في أغلب مناطق العالم، وقد جربت زراعتها بالقصيم ونجحت نجاحا كبيرا.
استعمالات الحلبة:
لقد سجلت بردية إيبرز المصرية التي يرجع تاريخها إلى نحو سنة 1500 قبل الميلاد وصفة للحروق من الحلبة، وكانت الحلبة تستخدم في مصر القديمة للحث على الولادة.
وفي القرن الخامس قبل الميلاد اعتبر الطبيب الاغريقي أبقراط الحلبة عشبة ملطفة قيمة، وأوصى العالم دسقوريدس في القرن الميلادي الأول بالحلبة كدواء لكل أنواع المشكلات النسائية.
وقد عرف العرب الحلبة، وروي ان الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم زار سعد بن أبي وقاص وهو مريض، فقال ادعو له طبيبا فدعي “الحارث بن كلدة” فوصف له الحلبة مع تمر عجوة فشفي، وذكر عن النبي قوله: “استشفوا بالحلبة”.
وقد قيل في الحلبة “لو علم الناس بما في الفريكة من فوائد لاشتروها بوزنها ذهبا”. وقال العالم بليكر الانجليزي “لو وضعت جميع الأدوية في كفة ميزان والحلبة في كفة الميزان الأخرى لعدلت الكفة الأخرى”.
والحلبة تستعمل على نطاق واسع في جميع انحاء العالم كمغذية وكدواء في نفس الوقت، ومن الاستخدامات الشعبية للحلبة ان القمم الطرفية للنبات الأخضر وكذلك الأوراق تؤكل نظرا لقيمتها الغذائية العالية، كما ان البذور المستنبتة تباع في المحلات التجارية الكبيرة، حيث تؤكل مع السلطات، وهناك بعض الأكلات الشعبية في بعض المناطق تكون الحلبة في مقدمتها، حيث انها مادة مشهية وبالاخص في شهر رمضان، وفي بعض المناطق تستخدم النفاس الحلبة، حيث تكون وجبة عشاء رئيسية، كما ان الأشخاص المصابين بالمشوع أو الملوع “تمزق عضلي في عضلات الكتف” يستخدمون سفوف الحلبة أو مغليها، فيحصلون على نتائج إيجابية.
استعمالات الحلبة الداخلية:
- يستعمل مغلي بذور الحلبة لعلاج عسر البول والطمث والإسهال.
- يستعمل مسحوق بذور الحلبة ممزوجاً بالعسل بمعدل ملعقة صغيرة من مسحوق الحلبة مع ملء ملعقة عسل ثلاث مرات يوميا لعلاج قرحتي المعدة والاثني عشر.
- يستعمل مشروب مغلي بذور الحلبة لعلاج أوجاع الصدر، وبالاخص الربو والسعال بمعدل ملء ملعقة من البذور، حيث تغلى لمدة 10 دقائق مع ملء كوب ماء، وتشرب مرة واحدة في اليوم.
- يستعمل مسحوق بذور الحلبة على هيئة سفوف بمعدل ملء ملعقة متوسطة قبل الأكل بمعدل ثلاث مرات يوميا لتخفيض نسبة سكر الدم.
- تستخدم الحلبة كمنشطة للطمث، وخاصة لدى الفتيات في سن البلوغ، وذلك بمعدل ملعقة متوسطة سفوفا مرتين في اليوم. ولكن ننصح بالابتعاد عنها في حالة بدء فترة الحمل، حيث إنها تساعد على الإجهاض في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل. بينما ينصح بها بعد الميلاد لما لها من خواص صحية عالية في هذه الفترة.
- تستعمل الحلبة مشهية إذا أخذ منقوعها “ملعقة أكل في ملء كوب ماء وتنقع لمدة ساعتين”، وتؤخذ قبل الأكل مباشرة، مع العلم ان هذا النقيع يقوي المعدة ويسهل عملية الهضم.
- إذا أخذ مقدار كوب من نقيع الحلبة على الريق فإنه يقتل الديدان المعوية بمختلف أنواعها.
- لقد استخلص زيت الحلبة في مصر لأول مرة، وظهر من التجارب العملية انه إذا أعطي للمرضع 20 نقطة ثلاث مرات يوميا فإن حليبها يتضاعف ويزداد حجم الأثداء وتنفتح شهيتها للأكل.
ويستعمل مغلي مسحوق الحلبة، وذلك بأخذ ملء ملعقة كبيرة من مسحوق الحلبة، ووضعها في ملء كوب ماء مغلي وتركها لمدة 10 دقائق، ثم تصفى ويؤخذ من هذا المحلول ملعقة واحدة كبيرة ثلاث إلى أربع مرات في اليوم من أجل تسكين سعال المصاب بالدرن.
الاستعمالات الخارجية للحلبة:
- لعلاج الحروق، فيدهن الحرق بمزيج من مسحوق بذر الحلبة مع زيت الورد حتى تشفى الحروق باذن الله.
- لعلاج تشقق الجلد وتحسين لون البشرة، يستعمل مغلي بذور الحلبة كغسول للاماكن المصابة بمعدل مرتين في اليوم
- لعلاج الروماتيزم والبرد وآلام العضلات، وتستخدم بذور الحلبة بعد سحقها مع معجون فصوص الثوم مع قليل من زيت السمسم، وتدلك بها المناطق المصابة.
- لعلاج الدمامل تستخدم لبخة من مسحوق بذور الحلبة، حيث تمزج كمية من المسحوق مع ماء فاتر مع تحريكها باستمرار حتى يصبح المزيج على شكل عجينة متماسكة ثم يوضع على الدمامل ويلف عليه قطعة قماش، وتعتبر هذه الوصفة افضل وصفة ولا يفضل عليها أي علاج لتسريع فتح الدمل وشفائه، يمكن استعمال هذه الوصفة للخاراجات والداحس المتقيح والاصابع، وكذلك خراجات الاثداء وخراجات الشرج الناتجة عن انسداد الناسور والاكزيما والقروح في الاقدام.
- يستخدم مطبوخ مسحوق الحلبة، حيث يؤخذ حفنة يد من مسحوق الحلبة وتوضع في ثلاثة لتر من الماء وتغلى لمدة 10دقائق ثم تبرد وتجلس فيه المرأة التي تعاني من أوجاع الرحم والورم.
الدراسات الحديثة على الحلبة:
قامت على الحلبة دراسات اكلينكية على امراض الكوليسترول، واثبتت الدراسات انخفاضاً مميزاً لكل من سكر الدم والكوليسترول، كما قامت دراسة على خلاصة بذور الحلبة من أجل تسهيل الولادة، وقد كانت النتائج جيدة جداً وايجابية.
كما تمت دراسة علمية على تأثير الحلبة على السرطان الخاص بالكبد في حيوانات التجارب، وكانت النتيجة هبوطاً كبيراً لسرطان الكبد.
ومن أهم الاستعمالات الحديثة والمثبتة علمياً والمسجلة في كل من دساتير الادوية العشبية الانجليزية والألمانية والامريكية ما يلي:
- مخفضة لسكر الدم والكوليسترول والدهون الثلاثية.
- تسهيل الولادة المتعسرة.
- علاج الالتهابات الموضعية والحروق والقروح.
- مضاد للتشنج.
- منبه ومنشط للرحم ومقو للجهاز الهضمي.
وقد حضرت فرنسية شراباً سائغاً من الحلبة باسم “بيوتريكون” لعلاج النحافة وفتح الشهية.
هل يوجد نوع آخر من الحلبة؟ وما هي المستحضرات الموجودة من الحلبة؟
هناك نوع من الحلبة يختلف عن الحلبة العادية، وتسمى حلبة الخيل المعروفة علمياً باسم Securigera Secridaca، وهي ذات لون بنفسجي وبذور اطول من الحلبة العادية، ولا تستخدم كغذاء، وتختلف اختلافاً كلياً في الاستخدام عن الحلبة العادية، حيث تستخدم لعلاج التهابات اسفل الظهر، ويجب عدم استخدامها كبديل للحلبة بأي حال من الاحوال.
اما المواد المتوفرة من الحلبة في الأسواق المحلية فتوجد بذور الحلبة المنبتة، وكذلك مستحضر صيدلاني يباع في محلات الأغذية الصحية، ومسجل لدى وزارة الصحة، ويمكن لاي شخص تنبيت الحلبة في منـزله.
هل هناك محاذير من استخدام الحلبة؟ وهل تتداخل مع أمراض أو أدوية اخرى؟
يوجد محاذير، حيث لا يجب استخدام الحلبة للمرأة الحامل، حيث انها تنشط الرحم ويمكن ان تسقط المرأة عند استخدام الحلبة كعلاج، ولكن ليس بكميات قليلة كالتي تضاف لبعض المأكولات أو السلطة، كما لا يمكن استخدامها للاطفال تحت سن السنتين، كما يجب عدم استخدام الحلبة لمرض السكر من النوع المعتمد على الأنسولين إلا بعد استشارة المختص، كما يجب على أي شخص يعمل فحص سكر الدم أو الكوليسترول عليه ان يشعر المختبر انه يستخدم الحلبة لكي يأخذ في الحسبان الزيادة والنقصان في نتائج الفحص، تتدخل أيضاً مع ادوية تخثر الدم وكذلك مع الهورمونات.
والحلبة يمكن أن تؤكل مطبوخة للتغذية وفتح الشهية ولزيادة الوزن، كما يشرب مغليها، حيث أنه ينفع في بعض الإضطرابات المعدية والصدرية، كما تعطى للفتيات في زمن البلوغ لتنشيط الطمث، وكذلك لفقر الدم ولضعاف البنية والشهية وللنحفاء .
وقد وصفها الأقدمون مع العسل ضد الإمساك المزمن، ولأمراض الصدر والحلق والسعال والربو والبلغم والبواسير، كما تفيد في إزالة الكلف من الوجه .
وتشير الدراسات الحديثة الى أن زيت الحلبة يدر حليب المرضع، ويفتح شهيتها للطعام .
توصف الحلبة للمرضعات بعد الوضع مباشرة لزيادة أفراز الحليب، فقد أفادت مجموعة من الدراسات الطبية بأن الحلبة تعتبر من أهم الأعشاب المدرة لحليب الأم، وأوضح خبراء التغذية أن تناول المرضعات لملعقة كبيرة من الحلبة المسحوقة أو شربها مع الماء أو الحليب يساعد في زيادة إدرار حليب الثدي.
وهي مشهية إذا أخذ منقوعها قبل الطعام ( 20 غراما في لتر ماء )، وهذا المنقوع يقوي المعدة، ويسهل الهضم ويحسنه.
طريقة الاستعمال: تغلى وتحلى بالعسل أو بدون عسل .
وللذين يشكون من قلة الشهية وفقر الدم وللنحلاء، تمزج الحلبة بالعسل للمصابين بالأمساك المزمن ولعلاج الصدر وضعف البائة، والحلق، والسعال، والربو.
0 التعليقات:
إضغط هنا لإضافة تعليق
إرسال تعليق
Blogger Widgets